سياسية..اجتماعية..متنوعة

2010/12/21

السويد..جنة أحلام العراقيين!


ينهي السويديون نشيدهم الوطني بالغناء لبلادهم: سنعيش ونموت في السويد. والسويدي هو كل من يحمل الجنسية أو يتمتع بالإقامة الدائمة في مملكة السويد . ومن بين هؤلاء العراقيون ، أكبر جالية أجنبية بالمملكة ، وهى من أكثر دول العالم رفاهية. تقول الأرقام إن السويد تستقبل نصف العراقيين اللاجئين إلى أوروبا. فهناك ما بين 110 آلاف و150 ألف عراقي في السويد بين مهاجر مقيم ومجنس وطالب لجوء. يعيش معظم مسلميهم في بلدية مالمو جنوبي البلاد. أما معظم مسيحييهم، فيفضلون الإقامة في بلدية سودرتاليه ، جنوبي العاصمة استوكهولم. من بين هؤلاء من يخشى أن يرًحل ، حتى لوكان الترحيل إلى الوطن الأصلي، ليموت بعيدا عن هذه البلاد الباردة الواقعة في أقصى شمال غربي أوروبا. خوف في العيون في سودرتاليه ، ترى هذا الخوف في عيون آخر دفعة من طالبي اللجوء الذين وصلوا إلى البلاد منذ ثلاثة شهور ونظمت الحكومة لهم دورة تدريبية لتعلم اللغة السويدية حتى قبل البت في طلبات لجؤهم. حسون ، 33 عاما أحد طالبي اللجوء ، ضرب مثالا بالفارق بين وطنه القديم والجديد المأمول. " طبعا نخشى رفض طلباتنا وإعادتنا للعراق . لا أحد يصف الأجانب هنا باللاجئين أو المهاجرين ، بينما في وطننا العراق نفسه ، يصف العراقيون بعضهم باللاجئين والنازحين لأنهم اضطروا لمغادرة منازلهم". سامر ، 25 عاما ، يحمل الإعلام المسؤولية عن أي تشدد من جانب السويد في التعامل مع طالبي اللجوء . " التقارير الصحفية تدعى أن العراق مستقر الآن مع أن القتل ما زال مستمرا ونهب الأموال والممتلكات لم ينته". أما بسام ، 53 عاما ، فيطالب بـ "عدم تصديق وسائل الإعلام خاصة العراقية حول الاستقرار الأمني هناك". وتقول تقديرات مجلس الهجرة السويدي، وهو جهة مستقلة عن الحكومة ومسؤول عن البت في طلبات اللجوء، إنه في عام 2007 ، طلب قرابة 36 ألف أجنبي اللجوء للسويد ، من بينهم نحو19 الف عراقي. "سعداء باللاجئين" ويبدو أن موقف الحكومة السويدية الأخير مما يجرى في العراق عزز مخاوف طالبي اللجوء العراقيين. فأمام البرلمان السويدي ، أعلن وزير الخارجية كارل بيلدت الشهر الماضي أن بلاده ترى أن التطورات في العراق تسير في الاتجاه الصحيح. وأعلن أن السويد ستفتح سفارتها في بغداد بداية الصيف المقبل ، ما أثار مخاوف العراقيين طالبي اللجوء. غير أن وزيرة الدولة للهجرة واللجوء نفت أن هناك اتجاها حكوميا لترحيل العراقيين لأسباب سياسية تتعلق بالتطورات في العراق. وتقول مينا ليونجرين إن " القضاء هو صاحب الكلمة الأخيرة في تقرير مصير اللاجئ". وتؤكد الوزيرة " الحكومة لا تتدخل بأي حال .. وللقاضي أن يأخذ أو لا يأخذ بعين الاعتبارالوضع السياسي في العراق". خلال فترة حكم الديمقراطيين الاجتماعيين قبل عام 2006 كان قرار منح اللجوء سياسي بالدرجة الأولى وبيد وزارة الخارجية. لكن التحالف الحاكم الجديد، بقيادة الحزب المعتدل، نقل ملف اللجوء والهجرة إلى القضاء. ورغم الضغوط التي يشكلها اللاجئون على الوضع الاقتصادي في البلاد، فإن السويد تقول، حسب ليونجرين إن" من حق كل مستحق أن يلجأ إليها"، وأنها " تريد أن تكون ملجأ لمن ينشد الحماية". ولذا فإن" لدى السويد أكثر أنظمة اللجوء مرونة وانفتاحا في العالم ونحن سعداء بذلك". نظام سخي السخاء هو أيضا أحد أهم صفات نظام اللجوء السويدي. وبفضله ، آثر جمال فندقلي ، 32 عاما مهندس جيولوجي عراقي، اللجوء إلى السويد دون غيرها من دول أوروبا. وفضلا عن ذلك ، فإن نظام الاندماج فيها "عظيم حيث ترعى الدولة الناس وتشجعهم فعلا على أن يصبحوا جزءا من المجتمع السويدي". يحصل كل فرد بالغ من أفراد الاسرة، إلى جانب السكن والرعاية الصحية، على ما يعادل 600 دولار شهريا، ويحصل الطفل على حوالى 300 دولار. وتتولى الدولة البحث عن فرص عمل للاجئين بما يتناسب مع مهاراتهم واحتياجات السوق. ووفقا للقانون، فإن طالب اللجوء له حق الحصول، حتى قبل البت في طلب لجوئه، على دورات لتعلم للغة السويدية، والوعي بالحقوق والواجبات. فضلا عن دورات تأهيلية لتحديد قدراته العلمية ومهاراته العلمية . حتى إذا تقرر بقاؤه في البلاد، يكون جاهزا للاندماج. القانون هو المشكلة الميل لحياة الإنعزال أو الجيتو، غير المقصود، أهم عوائق اندماج العراقيين. فمسلموهم يفضلون العيش في مالمو، ومسيحيوهم يرفضون أى بلدية سوى سودرتاليه، التي تستقبل وحدها 5 في المئة من إجمالي اللاجئين العراقيين إلى أوروبا. وهذا ما يستدعي كما يقول المسؤولون دليلا جديدا للهجرة إلى السويد. القانون يبدو المشكلة الأساسية. فهو يعطى ، كما يقول أندريس لاجو عمدة البلدية ، اللاجئ حق اختيار البلدية التي يفضل الإقامة فيها حتى لو لم تكن قادرة اقتصاديا او اجتماعيا على استيعابه. ولا يعطى القانون للبلدية حق الاعتراض. ويرى أنه "يجب أن يتغير القانون لوضع نظام أفضل لاستيعاب اللاجئين حتى يمكن تحقيق الاندماج واستفادة المجتمع السويدي من العراقيين". ويرى رئيس البلدية ، الذي ينتمي للحزب الديمقراطي الاجتماعي المعارض، أن التغيير يجب أن يراعي إمكانات كل بلدية ويساعد في مواجهة العداء للأجانب وتوفير حياة أفضل لأبناء اللاجئين العراقيين وغيرهم. طرق إلى السويد تحتل سودرتاليه المرتبة الأولي اقتصاديا في السويد ويوجد بها ستة آلاف شركة ويصفها السويديون بأنها العاصمة الدولية للبلاد لتعدد الجنسيات فيها. ومنها تأتي 20 في المائة من إجمالي صادرات الشركات السويدية للخارج. ويقول لاجو إن "الموجات الكبيرة لانتقال اللاجئين من العراق في السنوات الأخيرة تخلق تحديات كبيرة أمام المنطقة". وتشيرالأرقام ، إلى أن وضع سودرتاليه الاقتصادي الآن يؤدي إلى أن كل طالبي اللجوء عام 2008 يعيشون في مساكن مشتركة ، كما يضطر 80 في المائة من اللاجئين الذين منحوا حق الإقامة في البلاد لمواجهة الظروف ذاتها. وهو وضع يوصف هنا بالمتأزم لدرجة أن أطفال اللاجئين يفضلون البقاء في المدارس أو الحضانات لأطول فترة ممكنة بعد انتهاء اليوم الدراسي للهروب من ظروف السكن الصعبة. وإلى أن يتغير القانون، تبحث السلطات المركزية والمحلية عن وسائل أخرى لإقناع اللاجئين وطالبي اللجوء بالانتشار في مختلف البلديات. أبرز هذه الوسائل مشروع "طرق إلى السويد"، وهو عبارة عن برنامج اجتماعي اقتصادي يحاول إقناع اللاجئين بعدم التمسك بالمعيشة في مكان بعينه. تقول، هويدا أبو سالم مسؤولة البرنامج في سودرتاليه إنه منذ شهر يوليو تموز الماضي ، يتقدم ما بين 30 إلى 40 لاجئ عراقي شهريا بطلب الانتقال إلى بلديات أخرى. فقد حصلوا، كما تقول هويدا، وهي مهاجرة سورية في السويد منذ عام 1990، على معلومات حول فرص التعليم والعمل والحياة الافضل في بلديات أخرى. يذكر أنه في الفترة بين عامي 2006 و2008 ، لجأ 2866 عراقيا لسودرتاليه و بينما بلغ عدد اللاجئين السوريين، ومعظمهم من السريان الأرثوذوكس 119 لاجئا. طلبت من عمدة سودرتاليه أن ينصح العراقيين والعرب الساعين للجوء إلى السويد، فقال: أهلا بهم في السويد ولكن من أجل أسركم وأطفالكم، عليكم التفكير في البلديات السويدية الأكثر قدرة على استيعابكم وتلبية متطلباتكم من أجل حياة مريحة. ويقول العمدة إن 40 في المائة من اللاجئين العراقيين على مستوى من التعليم يفوق حتى السويديين، ولذلك فإن من صالح مختلف مناطق البلاد الاستفادة منهم ومنحهم فرصة استغلال هذه القدرات التعليمية لمصلحة أطفالهم.


المصدر: عامر سلطان بي بي سي - استوكهولم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق